١٨ أكتوبر: أن تُمحى دائمًا من القاموس

 أن تُمحى دائمًا من القاموس


أتمنى دائمًا أن تُمحى كلمة دائمًا من كل اللغات والقواميس. فَلِمَا نبتكر كلمة ليس لها معنى حقيقي مثل ألم وظلم وحب، وليست خيالية ولكن ممتعة مثل تنين ويونيكورن؟ 


دائمًا هي كذبة سياسية فرضتها علينا الحكومات لنؤمن بوجود الديمومة في هذا الكون الزائف. تبدأ الكذبة في درس اللغة بالرابع الابتدائي وخصيصًا في درس ظروف الزمان والمكان لنتعلم أن دائمًا يعني الثبات فتو،ل لنا المعلمة بصوت حاد وهي تمط الكلمات ظنًا منها أنها ستدخل في رأسنا أسرع بالطريق تلك “يغلي الماء في درجة ١٠٠ مؤية” ولكن لا! 


حتى الماء يا قارئي العزيز لا يغلي دائمًا في درجة ١٠٠ مؤية، فأمي التي دائمًا ما تُسابق نفسها لكسر أرقامها القياسية في أسرع مدة لصُنع وجبة، تُذكرنا بأن الشرقية شهدت أسرع طبخاتها بصنع كبسة لعشر أشخاص خلال نصف ساعة فقط، أما أبها فكانت أسوء تجاربها لدرجة أنها لم تستطع إنضاج اللحم بسهولة، فأبها يغلي فيها الماء عند ٩٠ درجة مؤية فقط ولكن الضغط المنخفض يُساهم في إبطاء الطبخة. حتى أمي التي كانت دائمًا ما تُسابق الوقت لم تعد تتسابق معه، بل أصبحت تُعانده بالاستمتاع بصنع الطبق كيفما شاءت. 


أرايتم؟ لا شيء دائم في هذا الكون سوى المتغير. فكل شيء سيزول، كل شيء بدءًا من محدثتكم التي تكتب هذه الكلمات، للهاتف الذي تقرأ منه هذه الهواجيس، للمنزل الذي نتلهف للعودة له كل يوم، للوطن الذي نشعر تجاهه بالأمان، للمعتقدات الدينية مثل غطاء الوجه، لشدّة والديك في تربيتك وأنت صغير وعطفها فيما بعد على أخوتك الصغار، مرورًا لمكة التي كانت تفيض بالأصنام والأوثان، لفلسطين التي كانت تحت حكم المجوس فاستعادها الخليفة عمر لتسقط من جديد ويفتحها صلاح الدين لتضيع مرة أخرى للأبد... أبد أحد مرادفات دائمًا.



تعليقات

ما أحبه القرّاء