هذه ليست المرة الأولى التي تقرأ فيها هذا العنوان

نظريات نيتشه واينشتاين للزمن

 

هذه ليست المرة الأولى التي تقرأ فيها هذه الكلمات، ولم تكن بسمتك عند تحكمك بقيادة الدراجة وأنت صغير بالمرة الأولى، ولم تكن تجربة ارتياد الجامعة هي الأولى، ولم تكن رعشات الحب الأول هي الأولى، كل شيء في حياتنا مكرر وسيتكرر.
 
    قد تبدو العبارات السابقة غريبة، وغير منطقية لكن هذا ما يعتقده الفيلسوف فيدريك نيتشه في نظريته "العود الأبدي" أو "التكرار الأبدي" ، والتي تنص على أن:

"الكون وكل الوجود والطاقة تتكرر، وسوف تواصل التكرار، في شكل مماثل لذاته وبعدد لا نهائي من المرات عبر زمان أو مكان لا نهائي."
فلحظتك هذه عشتها من قبل لالاف المرات وستعيشها مرة أخرى لمرات ومرات دون أن تدرك ذلك.

العود الأبدي

هذه النظرية المرعبة لم تكن من بنات أفكار نيتشه بل سبق وفكر فيها الفراعنة والهنود في السابق. رغم ذلك يعتبر نيتشه هو الذي وضع أسس هذه الفرضية، إلا أن المؤسس نفسه يعترف بأنها قد لا تكون حقيقة. لكن بحوزة فيلسوف القرن التاسع عشر فيدريك نيتشه دليل قوي على صحة ما يقول.
 
ألم تمر عليك لحظات شعرت بأنك قد عشتها من قبل؟ تتوقف لبرهة وأنت تعرف ما سيقوله من بجانبك وتعرف بالضبط ماذا سيحدث بعد تلك اللحظة؟ هذه اللحظات هي دليل على صحة نظرية "العود الأبدي".
فيدريك نيتشه
 
تأثر العديد من الكتاب بهذه النظرية لعل أبرزهم الروائي "ميلان كونديرا" الذي اقتبس منها فكرة روايته الشهيرة "كائن لا تحتمل خفته" وكتب في أول سطورها
 
"العود الابدي فكرة يكتنفها الغموض، وبها اربك نيتشه الكثيرين من الفلاسفة: ان نتصور ان كل شيء سيتكرر ذات يوم كما عشناه في السابق، وان هذا التكرار بالذات سيتكرر بلا نهاية! ماذا تعني هذه الخرافة المجنونة؟تؤكد خرافة العود الابدي، سلبا، ان الحياة التي تختفي نهائيا، والتي لا ترجع، انما هي اشبه بظل ودون وزن وميتة سلفا. ومهما تكن هذه الحياة فظيعة او جميلة او رائعة، فان هذه الفظاعة وهذا الجمال وهذه الروعة لا تعن شيئا، هي غير ذات اهمية مثل حرب وقعت في القرن الرابع عشر بين مملكتين افريقيتين فما غيرت شيئا في وجه التاريخ، مع ان ثلاثمائة الف زنجي لاقوا فيها حتفهم وفي عذابات تفوق الوصف. فهل كان سيتغير شيء لو ان هذه الحرب بين المملكتين الافريقيتين في القرن الرابع عشر قد تكررت مرات لا حصر لها في سباق العود الابدي".
 

النظرية النسبية لاينشتاين

تخيل معي أنك  تقطن في شقة صغيرة في عمارة بسيطة في مدينة الرياض، ولدت عام 1980م. وصديقك يسكن في فلة في حي راقي، لأنه رائد فضاء يقضي أغلب وقت خارج الغلاف الجوي، ولد صديقك أيضا عام 1980م. عمرك الان 40 عاما وعمره صديقك 30 عامًا.
 
لا تفكر فهذا ليس لغزًا، بل هي نظرية اينشتاين. يفترض اينشتاين بأن لكل شخص سرعة محددة لزمنه، فمثلا السنه التي قد أعيشها أنا قد تكون أقصر من سنتك!

التباعد الزمني
 
يبدو وكأنه ضرب من ضروب الجنون، لكنك لم ترا الجنون بعينه. فاينشتاين لا يفترض، بل يؤكد أن الانسان يستطيع أن يسافر عبر الزمن. كل ما عليك فعله هو إيجاد ثقب (نفق زمني) وأن تسير بسرعة 299.792 كم/ث أي أن تكون أسرع من الضوء، وعندها لن تسافر يا صديقي عبر الزمن لأنك ستحترق. هذه  المعضلة الوحيدة التي وقفت أمامه وهي أن الانسان مخلوق ضعيف لا يحتمل تلك السرعة المهولة.

السفر عبر الزمن

الفلاسفة ضد اينشتاين

أنكر الفلاسفة تلك الفكرة، عندما أقرها بعض الفيزيائيين. وكان رد الفلاسفة كبير ومُسّكت. ردوا على هذا القانون بفرضية "مفارقة الجد". فيقولون: لنفترض بأننا فعلًا استطعنا السفر عبر الزمن. وذهب أحدنا وسافر لزمان جده، وقتله! مالذي سيحدث؟ فإذا الجد قُتل يعني بأن الأب غير موجود ما يعني بأن الابن القاتل غير موجود! إذن فكرتك يا اينشتاين غير منطقية أبدًا.
نظرية مفارقة الجد

لكن ماذا لو كان الفلاسفة مخطئين ماذا لو كان بمقدورنا السفر عبر الزمن حقًا، ولكن عندما نصل لذلك الزمان لن نستطيع أن نشارك أو ننخرط معهم، أي أننا سنصبح غير مرئيين لأبناء ذلك الزمان؟ بذلك حتى لو أردت قتل جدي فلن أستطع لكني سأستطيع أن أراه وأعرف أسراره وحياته.

احزم حقابئك للسفر إلى المستقبل في أي لحظة!

أكد عالم الفيزياء البريطاني الشهير البروفيسور برايان كوكس بأن العمل على قدم وساق لإنشاء أول آلة زمن. يؤكد لنا كوكس بأنهم بالفعل نجحوا بنقل مواد صغيرة إلى المستقبل ويعملون الان لنقل مواد أكبر. يفاجأنا كوكس فيقول بأن السفر إلى الماضي مستحيل أما المستقبل فنحن نعمل عليه الان.

السفر عبر الزمن

في النهاية، لو أن حياتنا بالفعل تتكرر فأود أن نبقى جاهلين بما نحن سنعود لتكراره للأبد، تخيل لو أنك تعرف متى سيموت أباك؟ أو متى ستفقد القدرةعلى المشي؟ أليس ذلك مؤلمًا؟ وهل نحن حقًا نريد أن نسافرعبر الأزمان؟  هل نحن حقًا نريد كشف المستور؟ وفتح الجروح؟ أليس الجهل هو بشكل أو أخر نعمة. 



تعليقات

ما أحبه القرّاء