هدير المكيف صوت الأُمة

 

هدير المكيف صوت الأُمة

هل لصوت المكيف تأثير على الإنسان ونومه؟ 




ما هو الصوت الذي آمن به أبناء القرن الواحد والعشرون؟ صوت مقاهي نيويورك الصاخبة؟ أم نغمات البيانو الهادئة؟ أعرف شخصًا يؤمن أن صوت الحداثة هو صوت ضجيج الشوارع! أما أنا فأعتقد أن لهدير المكيف تأثير لا يُستهان به على هذا الجيل.

 

فمن تلك الفوهة العريضة، ينزلق أبطالك على خشبة المسرح ليتعاركوا، محاولين إسقاط البطل المغوار، لكن ذلك البطل يُطيح بالجميع ليجذب الأنظار، فيصبح محط اهتمام الجميع. 

من ذلك الصوت المزعج تُنسج أوهامنا، فيغدو الموقف البسيط مؤامرة حبكها العالم أجمع، وكأنهم  اتفقوا على أن يُطيحوا بك أنت! فهل تذكر ذلك اليوم عند دخولك لمقهى الحي الصغير، الممتلئ برائحة القهوة الأخاذة، وعند طلبك لكوب قهوة يُعدل من مزاجك، هممت بالخروج لكن الكوب فاجأك لينزلق من يديك وينساب على الأرضية. لم تنساب القهوة لإسرافك في ترطيب يديك، أو لشرود ذهنك عن إمساك كوب القهوة بإحكام، أو حتّى رغبة الكوب بتولّي مصيره المحتوم بنفسه. بل بسبب تلك العيون التي ظلّت تحملق فيك، فذلك صانع القهوة، وهذا المحاسب، وتلك الفتاة على اليمين، وفي اليسار رجلٌ وزوجته، وحتى ابنتهم التي لم تتعدى الأربع سنوات كانت قد شاركتهم الجريمة، جميعهم ثبتوا نظراتهم عليك أنت وكأنك استحليت المشهد كله.

 

لا تستهن أبدًا بقوة صوت المكيف فحتى عندما يصبح الجو باردًا فإننا نتخلّى عن وظيفته في التبريد، لكننا نتشبث بهديره الآسر. فنحن في ليالي الشتاء الأولى، نصاب بأرق جماعي، كلّ هذا من أجل صوته النفاث الذي غاب عنّا. لكن، ماذا تخبرنا الدراسات عن هذا الصوت؟

في عام 2019، أجرى مجموعة من الباحثين دراسة عن تأثير المكيف في سرعة خلودنا في النوم، وتأثيره في عمق نومنا. فأجروا الدراسة على ثلاثة وأربعين شخص، بضبط درجة حرارة غرفهم، وهدوؤها، على مدى ليلتين. ففي الليلة الأولى نام الأشخاص على أنغام هدير المكيف، وفي اللية الثانية حُرم الأشخاص من تلك الأنغام. وتلخصت الدراسة في الأخير بأن هدير المكيف لا يملك أي تأثير على نوم الإنسان! 

هذه ما تقوله الدراسات، لكن ماذا تقول الأرقام؟ في اليوتيوب أكثر من ثلاثين مليون مستمع لمقاطع تزخر فقط بصوت المكيف! فهل خلقنا من المكيف أسطورة لا وجود لها؟

تعليقات

  1. محتوى مفيد وجميل😍👍🏻

    ردحذف
  2. الموضوع جميل و المفهوم عميق أبداع يا رزان 👍🏼

    ردحذف

إرسال تعليق

ما أحبه القرّاء