لما النساء معرضات أكثر للاكتئاب؟

 

لما النساء معرضات أكثر للاكتئاب؟

من امرأة إلى النساء





هذا تساؤل واضح، وحقيقة مرّة أقرّ بها الجميع. فقد وجدت الأبحاث أن النساء معرضات للإصابة بالاكتئاب أكثر من الرجال بمرتين. فلما نحن نعيش حياة أتعس من الرجال؟

تُشير الأبحاث الطبية والنفسية إلى أن تغير الهرمونات، والحمل، والولادة كلها عوامل قد تزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب، لكنّ هذه العوامل ليست كافية لتفسير هذه الفجوة. فكلّ عائلة قد تخلو من امرأة مصابة بالاكتئاب أو القلق، وجميعنا نعاني عندما نشعر نحن بالاكتئاب أو تُصاب أحد حبيباتنا به، أو بأي مرض نفسي آخر. لذلك، سأذكر في هذا المقال ستّ أسباب تتبعها نصائح، وجدتها من منظوري أحد الأسباب التي أدت إلى أن تُصاب النساء في مجتمعي بالقلق والاكتئاب والإحباط. متمنية أن تكون بوابة لكلّ امرأة تمرّ بهذه التجربة، أو تعرف أخرى تعاني منها.

 

 

1-     تربينا على أن نعيش حياة مُعلبة

 

لم تُربينا أمهاتنا أننا قد نرتبط بالشخص الخطأ، أو أننا قد لا ننجب أطفالًا، أو أننا قد لا نتزوج أبدًا. كلّ ما هُمس في أذاننا هو أننا سنتزوج في يوم ما، من رجل صالح مُحبّ، وسننجب أطفالًا، ثمّ سيكبر هؤلاء الأطفال ليعيدوا دورة الحياة هذه. أعتقد أن هذه الفكرة أثرت على فئتين، الأولى هنّ النساء اللاتي لم يعشن وفق تلك الحياة المعلبة، كأن ترتبط بالشخص الخطأ، أو لا تُرزق بأطفال، فتدخل في دوامة اكتئاب حادّة. أما الأخرى فهن الأمهات اللاتي كنّ يهمسن لبناتهن وأولادهن أنهم سيمرون بتلك الحياة المعلبة نفسها، ليفاجئهم القدر مثلًا ألا يتزوج أولادهم فيصبن بإحباط كبير. لذلك يجب علينا ان نهمس في أذاننا من جديد، سأعيش ما قُدّر لي، برجل أو دونه، بأطفال أو دونهم، سأتحرر من كلّ تلك الحيوات المعلبة وأعيش حياة تمثلني أنا وحدي.

 

2-     نعيش للآخرين فقط

 

لم نعش يومًا لنا، بل كلّ أيامنا للآخرين، نتنازل عن وقت راحتنا ومتعتنا لنطبخ لأخ، أو نُعلّم صغير، أو نجلس صامتات أمام زوج. لم نقل "لا" عندما أردنا نعش تلك اللحظة لأنفسنا. تركنا وظائفنا، غيرنا مسارات حياتنا، تنازلنا عن أحلامنا سواء كانت بسيطة كالذهاب لحفل غنائي، أو كبيرة كالدراسة في الخارج من أجلهم. العطاء للناس جميل، لكن عطاءك لنفسك أجمل. تقول فيرجينيا في أهمية استقلال المرأة وعزلتها ” يجب أن يكون للمرأة مالها الخاص، وغرفة خاصّة بها إذا أرادت ان تكتب الروايات.” اغلقي على نفسك باب الغرفة لتنعمي بلحظات هادئة، اخرجي لوحدك وأحتسي كوبًا من القهوة في وسط الليالي، لأنك تستحقين ذلك.

 

3-     جعلنا الذكور يرسمون حدود حياتنا

 

لا نخرج إلى صديقاتنا إلا باستئذان، وهو يخرج كلّ ليلة لأصدقائه، لا نمارس هواياتنا لأنه يطلب منا المكوث مع الأطفال في المنزل، نترك وظائفنا لأنه يشعر بغيرة شديدة. علينا أن نسحب ورقة حياتنا من أيدهم، ونرسم لوحة حياتنا بأيدينا. لنخرج متى ما يحلو لنا، وننشأ صداقات مع من نحب، ونعمل في المكان الذي يليق بنا نحن.

 

4-     المجتمع كبّل أيدينا

لما لا نهرول على الطرقات، مرتديات عباءاتنا وحجاباتنا ونقاباتنا؟ لما لا نركب الدراجات؟ لما لا يصدح صوتنا في الإعلام؟ كلّ هذا من المجتمع، وفي أحيان كثيرة تمانع النساء أنفسهن، منهن أنا، أن نكسر النمط المجتمعي، لأننا نخاف من النظرات، نخاف من الاعتداءات، من عدسات الكاميرات، ومن غضب الناس وكلامهم. لكن علينا أن نخرج، ببطء، كالشروق، ببطء شديد من خلف المحيط، حتى نصبح في كبد السماء. لنكسر الحاجز تلو الآخر حتى نزيد السماء نورًا.

 

5-     لستِ السبب

ابنك مدمن تدخين، ابنتك رسبت في الامتحان، زوجك يخونك، الاقتصاد العالمي في انهيار. لستِ المسؤولة، حتّى عن تدخين ابنك ورسوب ابنتك، لست أنتِ الفاعلة. ولم يخنك زوجك لأنك لم تعطيه الاهتمام الكافي، بل لأنه لا يحترم رابط الزواج. علينا التحرر من الشعور بالذنب، فنحن وُلِدنا لنعطي الحياة حيوات، نُسقيها من روحنا حتّى تكبر، وسنبقى نرشدها حتّى نموت، لكننا لسنا المسؤولات عمّا يخبئه القدر. كوني الابتسامة في وجه العاصفة، احملي المصباح في وسط العتمة، لكن لا تُحمّلي نفسك سبب أمر ليس بيدك.

 

 

6-     لستِ وحدك

تشعرين باكتئاب ما بعد الولادة، محبطة من تجربة الزواج، تشعرين بثقل مسؤولية الأمومة، ضائعة بين أحلامك والواقع المُرّ، تحاصرك هلوسات ووساوس وقلق واكتئاب؟ لا تُبقي هذا الشعور طيّ الكتمان، بل بوحي به، أخبري من حولك أنكِ تشعرين بالإحباط، أنكِ تحتاجين إلى مساعدة. فأنتِ لستِ وحدك، اطلبي المساعدة دائمًا وتحدثي، تعودي على أن تقولي "لستُ بخير"، وسيمد الجميع يده لمساعدتك. ابحثي عن مصادر موثوقة، مثل زيارة مختصّ في الصحة النفسية لتتحدثي معه عن مشكلتك.

 

 أخيرًا، لا أعني بنصائحي الستّ أن نتمرد على الرجال، بل لنجعلهم شركائنا في الرحلة. متأكدة أنهم سيتفهمون مشاعرنا، سيمدون يد العون، وبمساعدتهم وتفهمهم سنعبر هذه العقبات. دمتن بخير يا من وصفهن الرسول، عليه الصلاة والسلام،  بالقوارير، دمتن بخير يا متعة الحياة وزينتها.

تعليقات

ما أحبه القرّاء