١ ديسمبر: كان فيلمًا سينمائيًا بالنسبة لهم.. وكابوسًا بالنسبة لي

١ ديسمبر: كان فيلمًا سينمائيًا بالنسبة لهم.. وكابوسًا بالنسبة لي

 

 

جلستُ على مقاعد السينما احتضن الفشار بين يدي، وأخواتي يجلسن في ثلاثة مقاعد عن يميني. بالنسبة لهن، كانت هندسة الضوء مبهرة وبالنسبة لي مرعبة. بالنسبة لهن، كانت انطلاق الصمت في الفضاء رائعًا، وبالنسبة لي كان مخيفًا. بالنسبة لهن، كان فراق الأحياء محزنًا، وبالنسبة لي يُمزّق القلب. بالنسبة لهن، كانت النهاية صادمة، وبالنسبة لي كانت مفجعة. انهمرت دموعهن بعد انتهاء الفيلم، أما أنا فوضعت يدي على فمي لأمنع شهقاتي من أن تصرخ عاليًا في الهواء.

 

ليتني كنتُ في الفضاء لتصمت صرختي في الفراغ، ليتني أخذت المهمة فأنا لا أخاف إلا من أنني لا أخاف. 

 

مفترق الطرق.. الاختيارات.. من أنا؟.. من أكون؟..

 

لم يكن فليمًا سينمائيًا، بل كابوسًا أزليًا. انتهى عرض الفيلم من على الشاشة، فُتحت الأنوار، التفتُ لأختي وهمست "كان الكوكب الثالث هو الخيار الصحيح" وغرقت في نوبة بكاء مفجعة. التفت الجميع لي. والتفتُ حول نفسي. بكت أخواتي على مأتمي. وبكيتُ على نفسي. توقفت موسيقى هانز زيمر عن العزف، وبدأت أوتار قلبي تُكمل المعزوفة. كانت دقات قلبي ثابتة وكأنها ساعة سويسرية، وأما الآن فتتخبط ككرة مطاطية. خرجت من قاعة السينما قبل أربعة أيام، والموسيقى ما زالت تصدح في صدري. تابعت الفيلم قبل ٩٦ ساعة، وما زالت بكرة الفيلم تدور داخل عقلي.

 

 

 تخبّطت قدماي وأنا أنزل درجات القاعة فاقتربت أختي من أذني وهمست “لا تحزني.. لو ذهبوا لكوكب حبيبها مباشرة لما اكتشفوا حلّ الثقب الأسود”، فتلمست بأصابع يدي الجدار ونزلتُ على مهل.

 

 

قالوا لي فيلم جميل، وقلت لهم فيلم مخيف. قالوا لي أروع فيلم تابعناه، وقلت لهم أرعب فيلم تابعته. قالوا لي فيلم يُحفر في الذاكرة، وقلت لهم فيلمٌ يُحيّيك من جديد. قالوا لي فيلم مُتقن، وقلت لهم فيلم حقيقي. قالوا لي فيلم خيال علمي، وقلت لهم فيلم يحكي عن حياتي وحياتك وحياتنا.

 


تعليقات

ما أحبه القرّاء